" ألواح مبعثرة من ملحمة السقوط "
يا من رأى الصحراءَ واقفةً
على ريحٍ ملوثةٍ
تغيرُّ وشمها ورداءها
في باطنِ الأنواءْ
تصحو على أرقٍ
وتلبسُ عريَها الموتورَ..
تشعلُ نارَها ليلاً
على سعفِ الرمالِ،
وصوتُها الوحشيُّ
يبعث في جهاتِ الأرضِ
بصمته
ويبعث خوفَه،
هذي خوفَه،
هذي هي الصحراءْ
قمصانُها الراياتُ نادبةٌ
ولائبةٌ
تودّ الغوثَ،
حتى من شياطينٍ ملثمةٍ
تهيلُ على ضفافِ النفسِ
رائحة السموم
ولعنةَ الأشياءْ
هذي هي الصحراءُ
لو خيرّتَها ، يا أنتَ
لا ختارت معاني السوءِ،
منّت نفسها،
أن يسلمَ التاجُ الأغرُّ
من الأذى.
ماهمَّ، لو من بعده الطوفانُ
ولتجرفْ مخالبُه،
كما شاءت،
خراجَ الأرضِ والأنعامِ
والآلاءْ
وعباءةَ التاريخِ
والأختامَ والأرجاءْ
فارتجّت الدنيا
ودنيا الظامئين إلى الدماءِ
غليلةٌ
لا تعدمُ الأسبابَ كي ترتجَّ
وارتحلت إلى غاياتِها
الغاياتُ
واقتربت سنابكُها من الأعناقِ،
واقتربت،
لتنتهكَ الربى من كل ناحيةٍ
وما تحويه من زرعٍ
ومن ضرعٍ
ومن نبضاتِ عشقٍ
لا تغيّبُها الستورْ
وتسارعت أممٌ
وأنت تلبّي دعوة الداعي.
وحطّ الكوكبُ الأرضيُّ مديتَهُ
على عنقِ الطريدِةِ.
فالطريدة مشتهاةٌ
والكلابُ، لهاثُها المحمومُ
يخترق المسامعَ والثغورْ
وعَدَتْ تمزّقُ في القلوب
وجيبَها
وتنوّعُ الخوفَ المعلّبَ
في الصدور
وتحوكُ من شريانِها المقطوعِ
ملحمة انتصاراتٍ
تباركُها الشماتةُ والنذورْ
وحوادثُ الأيامِ
تُكتبُ عند ناصية القبورْ
***
من أين تبتديءُ الدموعُ رحيلَها،
من أين يا ولدي..؟
لقد كثرت سكاكيُن الضحيّةِ
ثم طاب النحرُ يا ولدي.
أراهم في كوابيسٍ مدمّاةٍ
يشدّون الوثاق على السنابل ..
يتبادّلون اللهوَ والقبلاتِ
والنخبَ المصفّى
بعد أن وضعوا الحرابَ
على المناهلْ
واستعذبوا الألمَ الذي غرسوهُ
في عمق الثرى من أرض بابلْ
***
من أنتَ يابردى...!!؟
نثرتُ العمرَ.. معظمَهُ
على صفحات خضرتكَ النديّةِ
وانتشينا برهةً بروائعِ النجوى
تقاسمنا الحياةَ على سريرٍ
ضمَّ غربَتنا
وما تحويه من حلوٍ
ومن مُرٍّ
فكيف اليوم يا بردى
تباعدنا على شجنٍ
وصرتَ الرمَح منطلقاً،
وقاماتُ النخيلْ
سطعتْ على كفَيكَ دهشتُها
وذابت في جحيم المستحيلْ.
كم كنتَ يابردى تصفقُ بالرحيقِ
وكنتَ فردوسَ القلوبِ
وكان يابردى انسيابُكَ
خالدأً،
يجري
ويغسلُ بالنضارةِ مطلعَكْ
ونشيدُ أرضِ الشامِ
يعرفُ أهلهُ
أيامَ كانوا يعزفون سماتِهِ
بدمائهم
كرمى لعينيْ موطنٍ
صانوا الشذى بترابهِ،
واليوم يابردى،
ضفافُكَ شاحباتٌ،
والرحى في ليلها الموصودِ
تعصرُ منبعَكْ
ونشيدُ أرضِ الشامِ
تبصرُه عيونُ الخلقِ
يابردى معكْ
ينساقُ مغلولاً
ويكتمُ أدمعَكْ
والنيلُ
ما أدراكَ كم للنيلِ من رئةٍ
يضيقُ لهاثُها المحزونُ
كم قمرٍ ينوس ضياؤهُ
كم عند واديه
تهيمُ الأرضُ ظامئةً
وكم تبقى تفتش في مواويل العناءْ
عن خطوةٍ تمشي،
وموعدُها غدٌ
عن قبلةٍ تختارُ عنواناً لبهجتها
وعن بوّابةٍ مفتوحةٍ
ووراءها شجرٌ وماءْ
يانيلُ. كم كانت بهيّةْ
تبدو كعطر الزيزفونْ
واليوم ، ياليلي ، بهيةْ
قلبٌ تزمّلَ بالأنينْ
في البالِ وجهُكِ يا بهيّةْ
شجرٌ يطلُّ بلا غصونْ
ورفيف حزنك يا بهيّة
يطفو على وجع السنين
ناديت من تعبي بهيّةْ
... ناديت ، فارتعشتْ عيونْ
ومضت إلى صدري بهيةْ
تبكي ، فعانقَّها الجبنْ
***
مابين يثربَ والعراقْ
تنهارُ ذاكرةُ الوطن
والأرض في دمنا تُراقْ
فانشرْ عواءَكَ يا زمنْ
فاليومَ.. يومُ الجانحاتِ
الوارداتِ مع المحنْ
واليومَ .. يومُ الراكعين
على الدِمَنْ.
هلاّ رأى أحدٌ لهذا اليومِ
من ندٍّ
ولوفي لهجةِ الأحلام...؟
يا وجع الندى
مابين فجرك والمدى
لفّ الدخان على النهارْ
حميَ الوطيسُ.
تقطعت في داميات الشوقِ
أوتار العناقْ
وتنازعتنا الريحُ والظلماءُ
وانتعشتْ أماسي الدمع
واتّسع النطاقْ،
وغدا يُكسَّرُ جانحاه .. النسرُ
تحت مطارقِ الأحلافِ
فاغتربتْ طيورُ الفجرِ
عن أجوائها..
احترقت أمانيها على ثلج الديارْ
ماذا تقول الروح؟
هل تقوى على شيءٍ ،
وفي العنقِ لإسارْ....!؟
ماذا تقول الروحُ....!؟
تاهت في مفازتها،
وهذا الحلقُ
غاص الشوك في أنحائهِ
ومضى القطار
من كان صدّقَ
أن ما يجري جرى
لولا ذهولٌ في النفوس
تعمقت ظُلُماته
والمستحيلات استباحت
من صدور الناسِ
قانونَ الوجودِ
ودُجنتْ في كل دارْ
من كان صدّق...!!؟
فلنصدقْ أن أربابَ الحواضرِ أصبحوا معزوفةً..
أحجار شطرنجٍ
و" حوّاطين"
يرعون الجنازيَر التي وطِئَت
ترى نجد
وما في جوف نجدٍ من ثمارْ..
لا يسألوني
كيف تنعصرُ المياهُ من الوحولِ
وكيف يبتهجُ السكونُ على الشفاهِ
وكيف تلتمُّ الضلوعُ مخافةً
لا يسألوني،
ما أمرُّمن المرارْ
إلا زمانٌ مشرقيٌّ
غاص في أوجاعنا
ومشى على تعب العيونِ
بلا إزارْ.
هذي هي العملاتُ جاثيةٌ
على أوصالها،
لم يبق فرق ٌبين وجهيها
تساوت كالصدى
وأبو رغالٍ يقتفي أثرَ القوافي
لا تغيب الشمسُ عن أهوائهِ
تلقاه يبني مجدَه في كل هاويةٍ
وترسو عند حضرته البوارجُ
وهي تمسكُ محورَ الدنيا،
وفي يدها ينابيع القرارْ
وتسرُّ في صدغيهِ
أن المُلْكَ مقرونٌ بكُنيتهِ
وأن فضاءه يمتدُّ عن سعةٍ
وأن الكونَ في يده يُدارْ
لو ظلَّ يصنع من لدائنِ شعبِهِ
سوطاً وبرجاً
وانتصارْ
ويكون جَنْي الأرض منذوراً
على طبقٍ
ورأسُ الرمحِ مركوزاً
بخاصرةِ المشاعرِ
والقلوبُ دريئةً
يطأ السعيرُ على الدوام عفافَها
ويصبُّ في دمها الغبارْ
***
من أين تبتديء الدموعُ رحيلَها
من أين يا والدي..؟
وهل من خطوةٍ تُرجى
إلى وقف النزيفْ
هذا هو الصوتُ المهاجرُ
نحو ساحاتِ الأسى
يرتد محزوناً
ويرجع واهناً من شاهقِ البلوى
فيبتعد السرابُ عن العيونِ
وتحمل الأضلاع ظلمتها،
وخاتمةُ المطافِ
رحيلُ أشرعةٍ ممزقةٍ
ويحني هامَه شجرٌ
وتسقطُ في بلادِ اللهِ
أوراقُ الخريفْ
يا من رأى الصحراءَ واقفةً
على ريحٍ ملوثةٍ
تغيرُّ وشمها ورداءها
في باطنِ الأنواءْ
تصحو على أرقٍ
وتلبسُ عريَها الموتورَ..
تشعلُ نارَها ليلاً
على سعفِ الرمالِ،
وصوتُها الوحشيُّ
يبعث في جهاتِ الأرضِ
بصمته
ويبعث خوفَه،
هذي خوفَه،
هذي هي الصحراءْ
قمصانُها الراياتُ نادبةٌ
ولائبةٌ
تودّ الغوثَ،
حتى من شياطينٍ ملثمةٍ
تهيلُ على ضفافِ النفسِ
رائحة السموم
ولعنةَ الأشياءْ
هذي هي الصحراءُ
لو خيرّتَها ، يا أنتَ
لا ختارت معاني السوءِ،
منّت نفسها،
أن يسلمَ التاجُ الأغرُّ
من الأذى.
ماهمَّ، لو من بعده الطوفانُ
ولتجرفْ مخالبُه،
كما شاءت،
خراجَ الأرضِ والأنعامِ
والآلاءْ
وعباءةَ التاريخِ
والأختامَ والأرجاءْ
فارتجّت الدنيا
ودنيا الظامئين إلى الدماءِ
غليلةٌ
لا تعدمُ الأسبابَ كي ترتجَّ
وارتحلت إلى غاياتِها
الغاياتُ
واقتربت سنابكُها من الأعناقِ،
واقتربت،
لتنتهكَ الربى من كل ناحيةٍ
وما تحويه من زرعٍ
ومن ضرعٍ
ومن نبضاتِ عشقٍ
لا تغيّبُها الستورْ
وتسارعت أممٌ
وأنت تلبّي دعوة الداعي.
وحطّ الكوكبُ الأرضيُّ مديتَهُ
على عنقِ الطريدِةِ.
فالطريدة مشتهاةٌ
والكلابُ، لهاثُها المحمومُ
يخترق المسامعَ والثغورْ
وعَدَتْ تمزّقُ في القلوب
وجيبَها
وتنوّعُ الخوفَ المعلّبَ
في الصدور
وتحوكُ من شريانِها المقطوعِ
ملحمة انتصاراتٍ
تباركُها الشماتةُ والنذورْ
وحوادثُ الأيامِ
تُكتبُ عند ناصية القبورْ
***
من أين تبتديءُ الدموعُ رحيلَها،
من أين يا ولدي..؟
لقد كثرت سكاكيُن الضحيّةِ
ثم طاب النحرُ يا ولدي.
أراهم في كوابيسٍ مدمّاةٍ
يشدّون الوثاق على السنابل ..
يتبادّلون اللهوَ والقبلاتِ
والنخبَ المصفّى
بعد أن وضعوا الحرابَ
على المناهلْ
واستعذبوا الألمَ الذي غرسوهُ
في عمق الثرى من أرض بابلْ
***
من أنتَ يابردى...!!؟
نثرتُ العمرَ.. معظمَهُ
على صفحات خضرتكَ النديّةِ
وانتشينا برهةً بروائعِ النجوى
تقاسمنا الحياةَ على سريرٍ
ضمَّ غربَتنا
وما تحويه من حلوٍ
ومن مُرٍّ
فكيف اليوم يا بردى
تباعدنا على شجنٍ
وصرتَ الرمَح منطلقاً،
وقاماتُ النخيلْ
سطعتْ على كفَيكَ دهشتُها
وذابت في جحيم المستحيلْ.
كم كنتَ يابردى تصفقُ بالرحيقِ
وكنتَ فردوسَ القلوبِ
وكان يابردى انسيابُكَ
خالدأً،
يجري
ويغسلُ بالنضارةِ مطلعَكْ
ونشيدُ أرضِ الشامِ
يعرفُ أهلهُ
أيامَ كانوا يعزفون سماتِهِ
بدمائهم
كرمى لعينيْ موطنٍ
صانوا الشذى بترابهِ،
واليوم يابردى،
ضفافُكَ شاحباتٌ،
والرحى في ليلها الموصودِ
تعصرُ منبعَكْ
ونشيدُ أرضِ الشامِ
تبصرُه عيونُ الخلقِ
يابردى معكْ
ينساقُ مغلولاً
ويكتمُ أدمعَكْ
والنيلُ
ما أدراكَ كم للنيلِ من رئةٍ
يضيقُ لهاثُها المحزونُ
كم قمرٍ ينوس ضياؤهُ
كم عند واديه
تهيمُ الأرضُ ظامئةً
وكم تبقى تفتش في مواويل العناءْ
عن خطوةٍ تمشي،
وموعدُها غدٌ
عن قبلةٍ تختارُ عنواناً لبهجتها
وعن بوّابةٍ مفتوحةٍ
ووراءها شجرٌ وماءْ
يانيلُ. كم كانت بهيّةْ
تبدو كعطر الزيزفونْ
واليوم ، ياليلي ، بهيةْ
قلبٌ تزمّلَ بالأنينْ
في البالِ وجهُكِ يا بهيّةْ
شجرٌ يطلُّ بلا غصونْ
ورفيف حزنك يا بهيّة
يطفو على وجع السنين
ناديت من تعبي بهيّةْ
... ناديت ، فارتعشتْ عيونْ
ومضت إلى صدري بهيةْ
تبكي ، فعانقَّها الجبنْ
***
مابين يثربَ والعراقْ
تنهارُ ذاكرةُ الوطن
والأرض في دمنا تُراقْ
فانشرْ عواءَكَ يا زمنْ
فاليومَ.. يومُ الجانحاتِ
الوارداتِ مع المحنْ
واليومَ .. يومُ الراكعين
على الدِمَنْ.
هلاّ رأى أحدٌ لهذا اليومِ
من ندٍّ
ولوفي لهجةِ الأحلام...؟
يا وجع الندى
مابين فجرك والمدى
لفّ الدخان على النهارْ
حميَ الوطيسُ.
تقطعت في داميات الشوقِ
أوتار العناقْ
وتنازعتنا الريحُ والظلماءُ
وانتعشتْ أماسي الدمع
واتّسع النطاقْ،
وغدا يُكسَّرُ جانحاه .. النسرُ
تحت مطارقِ الأحلافِ
فاغتربتْ طيورُ الفجرِ
عن أجوائها..
احترقت أمانيها على ثلج الديارْ
ماذا تقول الروح؟
هل تقوى على شيءٍ ،
وفي العنقِ لإسارْ....!؟
ماذا تقول الروحُ....!؟
تاهت في مفازتها،
وهذا الحلقُ
غاص الشوك في أنحائهِ
ومضى القطار
من كان صدّقَ
أن ما يجري جرى
لولا ذهولٌ في النفوس
تعمقت ظُلُماته
والمستحيلات استباحت
من صدور الناسِ
قانونَ الوجودِ
ودُجنتْ في كل دارْ
من كان صدّق...!!؟
فلنصدقْ أن أربابَ الحواضرِ أصبحوا معزوفةً..
أحجار شطرنجٍ
و" حوّاطين"
يرعون الجنازيَر التي وطِئَت
ترى نجد
وما في جوف نجدٍ من ثمارْ..
لا يسألوني
كيف تنعصرُ المياهُ من الوحولِ
وكيف يبتهجُ السكونُ على الشفاهِ
وكيف تلتمُّ الضلوعُ مخافةً
لا يسألوني،
ما أمرُّمن المرارْ
إلا زمانٌ مشرقيٌّ
غاص في أوجاعنا
ومشى على تعب العيونِ
بلا إزارْ.
هذي هي العملاتُ جاثيةٌ
على أوصالها،
لم يبق فرق ٌبين وجهيها
تساوت كالصدى
وأبو رغالٍ يقتفي أثرَ القوافي
لا تغيب الشمسُ عن أهوائهِ
تلقاه يبني مجدَه في كل هاويةٍ
وترسو عند حضرته البوارجُ
وهي تمسكُ محورَ الدنيا،
وفي يدها ينابيع القرارْ
وتسرُّ في صدغيهِ
أن المُلْكَ مقرونٌ بكُنيتهِ
وأن فضاءه يمتدُّ عن سعةٍ
وأن الكونَ في يده يُدارْ
لو ظلَّ يصنع من لدائنِ شعبِهِ
سوطاً وبرجاً
وانتصارْ
ويكون جَنْي الأرض منذوراً
على طبقٍ
ورأسُ الرمحِ مركوزاً
بخاصرةِ المشاعرِ
والقلوبُ دريئةً
يطأ السعيرُ على الدوام عفافَها
ويصبُّ في دمها الغبارْ
***
من أين تبتديء الدموعُ رحيلَها
من أين يا والدي..؟
وهل من خطوةٍ تُرجى
إلى وقف النزيفْ
هذا هو الصوتُ المهاجرُ
نحو ساحاتِ الأسى
يرتد محزوناً
ويرجع واهناً من شاهقِ البلوى
فيبتعد السرابُ عن العيونِ
وتحمل الأضلاع ظلمتها،
وخاتمةُ المطافِ
رحيلُ أشرعةٍ ممزقةٍ
ويحني هامَه شجرٌ
وتسقطُ في بلادِ اللهِ
أوراقُ الخريفْ